العديد من شركات تجارة البيانات اليوم تسعى للحصول على تحركاتك. ماذا يمكنك أن تفعل بهذا الخصوص؟
من منّا لم يمنح تطبيقاً واحداً على الأقل الأذن بالوصول إلى البيانات الخاصة بتحديد موقعنا الجغرافي (location data)؟ يتنافس اليوم عدد متزايد من الشركات التي لم نسمع عنها من قبل للحصول على حصة من البيانات الخاصة بالموقع الجغرافي من هواتف المستخدمين والتي تحولت إلى سوق يقدر حجمه حالياً بنحو 12 مليار دولار.
ويتنوع المتنافسون في هذا السوق ما بين شركات رصد وجمع البيانات وحتى شركات الاستخبارات الخاصة، فيما تتباهى تلك الشركات بحجم ودقة البيانات التي تمكنت من جمعها من هواتف المستخدمين، وذلك بحسب موقع «ذا مارك آب».
وتصف إحدى تلك الشركات واسمها «نير» Near نفسها بأنها «أكبر مجموعة بيانات لسلوك الأشخاص في العالم» من خلال امتلاكها بيانات أكثر من 1.6 مليار شخص في 44 دولة حول العالم.
وفي محاولة لإلقاء الضوء على هذه الصناعة التي لا تخضع للمراقبة، حدد موقع «ذا مارك آب» 43 شركة تحصد بيانات موقع الهاتف المحمول أو تبيعها أو تتاجر بها. وعلى الرغم من أن القائمة ليست شاملة، إلا أنها ترسم صورة للاعبين المترابطين الذين يفعلون كل شيء بدءًا من توفير التعليمات البرمجية لمطوري التطبيقات لتحقيق الدخل من بيانات المستخدم إلى تقديم تحليلات من أكثر من 1.9 مليار جهاز والوصول إلى مجموعات البيانات الخاصة بمئات الملايين من الأشخاص. وادعت ست شركات وجود أكثر من مليار جهاز في بياناتها، فيما ادعت أربع شركات على الأقل أن بياناتها كانت «الأكثر دقة» في الصناعة.
ويقول أحد الخبراء: «لا يوجد قدر كبير من الشفافية وهناك شبكة غامضة معقدة حقًا من التفاعلات بين هذه الشركات يصعب حلها. إنهم يراهنون على حقيقة أن عامة الناس وحتى الهيئات التنظيمية لا ينتبهون لما تقوم به تلك الشركات».
وفي العام الماضي ، ذكر موقع «ماذربورد» أن شركة «إكس-مود»، وهي شركة تجمع بيانات الموقع من خلال التطبيقات، كانت تجمع البيانات من التطبيقات الخاصة بصلاة المسلمين وتقوم ببيعها لمقاولين عسكريين. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في نفس العام أيضًا أن شركة «فينتل» Venntel التي تبيع بيانات الموقع، قامت ببيع بيانات مواقع مستخديمن إلى الوكالات الفيدرالية لإنفاذ قوانين الهجرة.
وتدعي العديد من الشركات بأن خصوصية المستخدمين هي محور أعمالها وأنهم حريصون على عدم بيع المعلومات التي يمكن تتبعها لشخص ما. لكن الباحثين الذين يدرسون بيانات موقع مجهولة المصدر أظهروا كيف يمكن أن يكون هذا الادعاء مضللًا.
ويقول كاتب المقال: «الحقيقة هي أنه من الصعب معرفة كل الطرق التي يتم بها تتبع تحركاتك والتداول بها. غالبًا ما تكشف الشركات القليل عن التطبيقات التي تعمل كمصادر للبيانات التي تجمعها ، وماهية تلك البيانات بالضبط وإلى أي مدى تنتقل».
ولتوفير صورة أكثر شمولية، استعرض موقع «ذا مارك آب» مواقع تلك الشركات ولغة التسويق لكل شركة من الشركات الـ 47 التي قام بتحديدها بالإضافة إلى أي معلومات كشفت عنها حول كيفية وصول البيانات إليها.
وغالباً ما تبدأ رحلة بيانات المستخدم من اللحظة التي يقوم بها بالسماح للتطبيق بالوصول إلى بيانات موقعه الجغرافي، حيث تملك تلك التطبيقات جميع أنواع الحجج لذلك. فمثلاً، تحتاج تطبيقات الخرائط إلى معرفة مكانك لتزويدك بالاتجاهات إلى وجهتك، ويتحقق تطبيق الطقس أو الأمواج أو الرياح من موقعك لإعطائك معلومات الأرصاد الجوية ذات الصلة. ويتحقق تطبيق بث الفيديو من المكان الذي تتواجد فيه للتأكد من أنك في بلد مرخص له ببث عروض معينة، الخ.
ولكن دون علم معظم المستخدمين، تقوم العديد من تلك التطبيقات ببيع بيانات الموقع الخاصة بمستخدميها أو تشاركها مع الشركات التي تحلل البيانات وتبيع رؤاها، ومن ثم بيعها من جديد إلى شركات عقارية وصناديق التحوط وشركات تجزئة أو مطاعم ليتم بعد ذلك ضخ تلك البيانات في لوغاريتمات تستهدف المستخدمين لأغراض إعلانية وتسويقية، وغيرها.
ويقول الرئيس التنفيذي لإحدى شركات تحليلات المواقع إن شركته تشتري من مجمعي بيانات الموقع ، الذين يجمعون البيانات من آلاف التطبيقات. ويؤكد أن التطبيقات التي يعمل معها تنص صراحةً على أنها تشارك بيانات الموقع مع أطراف ثالثة في مكان ما في سياسات الخصوصية الخاصة بالتطبيق والتي قال أن معظم الأشخاص لا يقرأونها.
وتعد بعض أسواق البيانات جزءًا من شركات معروفة مثل «أمازون داتا إيكستشينج» أو «أوراكل داتا ماركت بليس» التي تبيع جميع أنواع البيانات ، وليس فقط بيانات الموقع. وتفتخر «أوراكل» Oracle بقوائمها باعتبارها «أكبر سوق لبيانات الجهات الخارجية في العالم» للإعلانات المستهدفة، بينما تدعي «أمازون» Amazon أنها تجعل من السهل العثور على بيانات الجهات الخارجية والاشتراك فيها واستخدامها في السحابة».
أين تذهب تلك البيانات؟
هناك عدد كبير من المشترين المحتملين لبيانات الموقع ومنهم المستثمرون الذين يبحثون عن معلومات حول اتجاهات السوق أو ما يفعله منافسوهم، والحملات السياسية، والمتاجر التي تراقب العملاء، ووكالات إنفاذ القانون، وغيرها.
وتم استخدام البيانات من شركة استخبارات الموقع «ثاثوس» لقياس عدد العمال الذين يقومون بأداء نوبات عمل إضافية في مصانع «تيسلا»Tesla. كما استخدمت الحملات السياسية من الديمقراطيين والجمهوريين أيضًا بيانات الموقع من الأشخاص الذين شاركوا في تجمعات ليقوموا باستهدافهم بإعلانات.
وكتبت صحيفة «وول ستريت جورنال» أكثر من مرة حول كيفية قيام الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك مصلحة الضرائب الأمريكية والجمارك وحماية الحدود والجيش الأمريكي بشراء بيانات الموقع من الشركات التي تتعقب الهواتف.ولا يمنع أي قانون في الولايات المتحدة أي شركة أمريكية من بيع بيانات إلى أي جهة أخرى، فيما تتضمن «لائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي» GDRFA متطلبات أكثر صرامة لإعلام المستخدمين عند معالجة بياناتهم أو نقلها.