اخترنا لكم

مفتاح النجاح: بيئة عمل متنوعة الأماكن للجميع

تِك راوي - 7 أبريل 2022
مصدر الصورة - Envato

بقلم: فيشنو تيمني، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا في «إتش بي» HP

قبل انتشار جائحة «كوفيد-19» كان مصطلح «العمل من المنزل» غامضاً بالنسبة للكثير من الأشخاص العاملين في وظائف مكتبية. ولكن، بعد تفشي الجائحة، أصبح العمل من المنزل هو الوضع الطبيعي الجديد للموظفين حول العالم. وهو الأمر الذي يثير التساؤل أيضاً عما إذا كان هذا الأسلوب قد وُجد ليستمرّ في دولة الإمارات.

ومن المثير للتفاؤل هنا أن انتشار «كوفيد-19» أسهم بدون شك في تغيير المفاهيم حول بيئة العمل عن بُعد، وأزال أي مخاوف مسبقة تتعلق بمصطلح «العمل من المنزل»، والتي كانت تعني لدى الكثيرين؛ العمل على الأريكة في المنزل مع ارتداء البيجاما. ولكن، بمساعدة التكنولوجيا المتطورة، أثبت الموظفون لرؤسائهم فعلاً، قدرتهم على العمل بكفاءة وإنتاجية عالية خارج مكاتبهم. ونحن ندرك الآن بالطبع، أننا نعيش في عالم يختار فيه كثير من الناس العمل من منازلهم لبضعة أيام على الأقل في الأسبوع؛ حيث أصبح الاستغناء عن التنقل اليومي، وإمكانية اختيار ساعات عمل أكثر مرونة، ميزتين هامتين لمن يستطيع. ولهذا السبب، يواصل حوالي من 60% من الموظفين العاملين في المكاتب حول العالم اليوم عملهم بشكل جزئي أو كلي من منازلهم، بغض النظر عن تغير الأوضاع والتحديات التي تفرضها الجائحة.

ولهذا، ينبغي على قادة الشركات إعداد الموظفين وتمكينهم من تقديم أفضل ما لديهم أينما كانوا، بدلاً من محاولة إجبارهم على العودة إلى المكاتب. ومن المبشر معرفة أن كثيراً من المؤسسات قد بدأ القيام بذلك فعلياً، من خلال تطبيق نماذج العمل متنوعة الأماكن، في ظل توقعات تشير بأن هذه النماذج ستبقى سارية في المستقبل المنتظر. وتشير دراسة حديثة أجرتها مؤسسة مايكل بيج الشرق الأوسط، أن حوالي 50% من الباحثين عن فرص عمل في دبي وأبوظبي قد حافظوا على مستوى إنتاجيتهم خلال عملهم عن بُعد، في حين يعتقد ما يزيد عن 44% من العاملين في دبي أن إنتاجيتهم قد ازدادت.

وتشير الدراسات إلى أن 98% من الشركات الإماراتية تخطط بالفعل للاستثمار في التكنولوجيا خلال فترة 12-18 شهراً القادمة، بهدف تعزيز قوة العمل في بيئة متنوعة الأماكن، مقارنة بنسبة 89% من الشركات على مستوى العالم. ويشير ذلك إلى اتخاذ دولة الإمارات مسارها الصحيح للتحول إلى مركز عالمي للعمل عن بُعد، مدعومة برؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة في الإمارات. وبرغم ذلك، فإن هذا الأمر أكثر تعقيداً من مجرد شراء حلول جديدة، وانتظار تحقيق الزيادة في الإنتاجية والرفاهية بأعجوبة، فهذا التحوّل هو قرار إداري فريد من نوعه يتميز بالإيجابيات والسلبيات على حدّ سواء.

وعلى سبيل المثال، يشير 56% من الموظفين حول العالم إلى شعورهم بالانفصال عن مؤسساتهم وزملائهم، نتيجة للعمل عن بُعد في بيئة العمل متنوعة الأماكن. كما أوضحت الأبحاث أيضاً أن 45% من العاملين في المنزل أو في بيئة العمل متنوعة الأماكن يشعرون بالتمييز أو المعاملة بشكل مختلف عن الموظفين الذين يحضرون إلى المكاتب. وعلى الصعيد الشخصي، أجد أن بيئة العمل متنوعة الأماكن توفر توازناً مناسباً يحدّ من الشعور بالانفصال الاجتماعي، وتتيح المناقشات الجماعية وجهاً لوجه، مع توفير مرونة ملائمة لإدارة أجندات العمل الشخصية لكل فرد. وبالنسبة لي، فإن بيئة العمل متنوعة الأماكن لا تتوقف عند النسبة بين أيام العمل في المكتب مقابل أيام العمل في المنزل فحسب، بل بتوفير المرونة في ساعات العمل في المكتب أو المنزل خلال اليوم.

وضمن منظومة الاقتصاد الحالية، يشير ذلك إلى أن القدرة على المنافسة وتأسيس قوى عاملة مرنة يتطلب التزاماً بالشمولية ينبغي أن ينعكس على جميع أدوات وعمليات وحلول بيئة العمل متنوعة الأماكن. وتلك هي الطريقة الوحيدة للتأكد من الإصغاء لأصوات جميع الموظفين وضمان تواصلهم، وتأهيلهم للنجاح.

جذب الكفاءات

ستدرك الشركات الكبرى أن مسؤوليتها  تتمثل في تزويد الموظفين بمنظومة عالية الجودة في بيئة العمل متنوعة الأماكن. وسيساعدها القيام بذلك في اجتذاب الكفاءات والمحافظة عليها، نظراً لأن معظم الموظفين الباحثين عن فرص عمل جديدة، يسعون إلى العمل في مؤسسات تدعم بيئات العمل متنوعة الأماكن.

وتشكّل تلبية توقعات الموظفين المتعلقة ببيئة العمل الفعلية، هامة بقدر أهمية الأدوات الرقمية المتاحة. وقد قمنا بتعديل معايير الأدوات التي يطورها متخصصو البحوث والتطوير في منتجاتنا، للمساعدة في معالجة المشكلات التكنولوجية المترافقة مع بيئة العمل متنوعة الأماكن. وعلى سبيل المثال، قمنا بتطوير حلول HP Presence، وهي مجموعة من أنظمة التواصل والاجتماعات التي تساعد على ضمان مشاركة الجميع في غرفة الاجتماعات، والتأكد من سماع أصوات الجميع عبر الضبط التلقائي لمستويات الصوت، حيث يتعرض كثير من الأشخاص الذين ينضمون «عن بُعد» إلى الاجتماعات في بيئة العمل متنوعة الأماكن، لإمكانة التغطية على أصواتهم من قبل الحاضرين في قاعة الاجتماعات نفسها، حيث يزيد الصوت العالي ارتفاعاً ويزداد الصوت الضعيف انخفاضاً. ومن خلال ضبط درجات أصوات المتحدثين عن بُعد، سيتمكن مزيد من الأشخاص من إيصال مساهماتهم في المناقشة، بما يشجعهم على المشاركة. ومع استمرار توجهنا نحو اعتماد بيئات العمل متنوعة الأماكن، ينبغي أن نأخذ هذا النوع من الأنظمة، وغيرها من الحلول الأكثر شمولاً بعين الاعتبار.

الأولوية للتعاون الشامل

في عام 2022، سيكون التعاون والتواصل في صدارة أولوياتي، نظراً لأهمية هذين العاملين في دفع عجلة الإبداع. ومن ناحية أخرى، فإن قدرة المكاتب الفعلية على مساعدة الموظفين في إجراء المناقشات وحل المشكلات معاً بصورة فورية، تتيح أيضاً إمكانية جعل بيئة العمل متنوعة الأماكن أكثر صعوبة، إذا لم نكن حذرين. وفي الواقع، يعتقد 42% من الموظفين أن بيئة العمل متنوعة الأماكن تعمل كحاجز يعيق التعاون وبناء العلاقات.

وإذا اقتضى الأمر، ينبغي علينا أن نكون مستعدين لإعادة تشكيل الهياكل التنظيمية وفرق العمل، بما يحقق أقصى فائدة ممكنة من التقنيات الجديدة والتطبيقات السحابية التي تدعم بيئة العمل متنوعة الأماكن، وتساعد في تحقيق مستويات أعلى من المرونة والتواصل الفوري. وعلى سبيل المثال، عند إعطاء شخص ما مهمة الإشراف على الاجتماعات عبر الإنترنت من خلال متابعة تعليقات المشاركين، وتشجيع الأشخاص الذين «رفعوا أيديهم» على التحدث، يمكن أن نساهم إلى حدّ كبير في إيجاد بيئة عمل أكثر شمولاً. وينبغي علينا أن نكون ممتنين لبيئة العمل متنوعة الأماكن التي تساعدنا على المساهمة بشكل أكثر فاعلية، بالنظر إلى ما أشارت إليه دراسات سابقة حول كيفية استبعاد ومقاطعة النساء والأقليات في بيئات العمل المبنية على الأنشطة الجماعية.

وقد شهدت بيئة العمل عن بُعد، بشكل خاص، إدخال التكنولوجيا الجديدة في الإمارات والتوسع بنطاقها. وخلال الشهور الأخيرة، برزت فئة الموظفين الذين يطالبون بمستوى أعلى من الرضا الوظيفي، وزيادة التوازن بين العمل والحياة، ومزيد من المرونة، والقضاء على روتين التنقل الممل، والأهم من ذلك بالنسبة للشركات التي تكافح خلال أزمة عالمية، إمكانية الانخفاض المحتمل في الإنفاق العام. ومع إدراكي للاختلاف في ترتيبات العمل المستقبلية بين شخص وآخر، فليس كل شخص يرغب، أو يريد، العمل من المنزل؛ حيث كانت الأشهر القليلة الماضية بالنسبة للكثيرين، تذكيراً قوياً بأهمية التفاعل الاجتماعي في موقع العمل، واعتبرت العودة للمكاتب وكأنها عودة الحياة إلى طبيعتها. وفي الآونة الأخيرة، أعدنا افتتاح مكاتبنا في دولة الإمارات، مع تجديد تصميم غرف الاجتماعات، وتوفير مساحات جلوس مفتوحة تشجع على المشاركة وتبادل الأفكار.

ونحن من جانبنا، نعتقد بأن التكنولوجيا قادرة على المساهمة بدور كبير في تسهيل التحول إلى مفهوم بيئة العمل متنوعة الأماكن وتمكينها، بالمحافظة على تركيزنا موجهاً نحو ابتكار تجارب تفاعلية للموظفين تتمحور حول الإنسان. كما أن قرارات قادة الأعمال الآن، ستحدد ما سيتاح أمام موظفيهم من فرص أو عقبات في بيئة العمل المستقبلية، على مدى الشهور والسنوات القادمة.

Tags
Move to top